الهند نموذج التوظيف الإيجابي للتعددية المتنوعة

المؤلفون

  • م.د.فلاح خلف كاظم الزهيري

الملخص

يعد المجتمع الهندي من المجتمعات ذات تركيبة اجتماعية وسياسية تعددية وقد القى هذا الأمر بظلالة عن الواقع السياسي والحزبي في هذا البلد فيما بعد، اذ أدت هذه التنوعات والتعددات سواء العرقية أم الدينية أم الطائفية  أم اللغوية إلى إن تكون احد عوامل نجاح التجربة الديمقراطية بشكل عام فيها (على الرغم من المنغصات والاحداث التي تقع بين فترة واخرى تحاول تعكير صفوة التعايش الايجابي) بعد إن وصلت غالبية هذه التنوعات إلى قناعة بان تنوعها وتعددها يقتضي احترام كل تنوع للآراء ومعتقدات وخصوصيات الآخر. واليوم تعد التجربة التعددية البرلمانية الديموقراطية الهندية من النماذج المهمة لنجاح النظام البرلماني في احدى اكبر دول العالم في المساحة والسكان ،فقد ارست الهند نظاما" دستوريا" قائما على مبادئ الديموقراطية التعددية العلمانية وضربت مثلا في امكانية استقرار النموذج الديموقراطي في دولة من دول الجنوب رغم انهيار هذا النموذج في العديد من تلك الدول آنذاك وظل الشعب الهندي على الرغم من كبر حجمه وتنوعه واختلاف تركيباته ومكوناته متشبثا" بالنظام الديموقراطي الذي عّد احد ضمانات وحدة هذا الشعب المكافح رغم تغير قياداته السياسية وتوالي الاحزاب على الحكم عبر الانتخابات منذ اكثر من سبعة قرون.  

       ان وجود التعدد الاجتماعي والسياسي والثقافي لم تمنع الشعب الهندي وقياداته السياسية ونخبه المثقفة من العمل على خلق حالة من التعايش السلمي الذي افضى الى بناء تجربة ديموقراطية تعد اليوم من انجح التجارب في العالم من حيث سعة المشاركة وثبات وديمومة استمرارها ، اذ اثبتت هذه التجربة انه كلما كانت النخب والقيادات الحاكمة مؤمنة بالخيار الديموقراطي التعددي كلما كانت فرص نجاح التجربة التعددية كبيرة ومواتية، واثبتت ايضا ان وجود عقل جمعي يضم سكان الدولة الهندية على الرغم ما بين هؤلاء من تنوع سياسي وديني واقتصادي واجتماعي انعكس ايجابيا" في التعايش السلمي والاستقرار النسبي الذي تعيشه الدولة والذي تم استثماره من خلال التوظيف الايجابي لتلك التعدديات لصالح بناء مسيرتها العلمية والتكنلوجية والاقتصادية والسياسية، وهذا التوظيف يتم من خلال وجود نصوص دستورية وقانونية مترجمة عمليا" ومن خلال آراء وسلوكيات الآباء المؤسسون والقادة والنخب الحاكمة والمثقفة التي اسهمت في ترسيخ هذا البناء الديموقراطي.

    ان الهند ليست دولة مثالية بكل تأكيد لكن هذه التجربة الغنية بكل ما تحمل الكلمة من معنى تفتح آفاق واسعة امام الباحثين في شؤون النظم السياسية والديموقراطية في العالم للاستفادة من معطيات تلك التجربة والوقوف على اسباب نجاحها والعوامل التي ساعدت على ذلك النجاح في بلد كان البعض يعتقد بان نجاح الديموقراطية فيه قضية عقيمة، الا ان واقع الحال اثبت عكس ذلك اذ اثبتت هذه التجربة النجاح في بناء اكبر ديموقراطية خارج العالم الغربي الامر الذي يفتح الابواب واسعة امام الدول الساعية لبناء تجربتها الديموقراطية الفتية- كالعراق مثلا- للوقوف مليا" امامها ودراستها واخذ الدروس والعبر لصالح ذلك البناء .

       

                 

السيرة الشخصية للمؤلف

  • م.د.فلاح خلف كاظم الزهيري

    معهد اعداد المعلمين \الرصافة1\

التنزيلات

منشور

2018-03-31